قال ابن سعد : بعثه أبو موسى الأشعري (أي ميسرة بن مسروق العنسي ) إلى عمر ومعه اثنا عشر نفسا من العجم ، عليهم ثياب الديباج ومناطق الذهب وأساورة الذهب ، فقدموا بهم المدينة ، فعجب الناس من هيئتهم ، فدخلوا فوجدوا عمر في المسجد نائما متوسدا رداءه ، فقال الهرمزان : هذا ملككم ؟ قالوا : نعم ، قال : أما له حاجب ولا حارس ؟ قالوا : الله حارسه حتى يأتيه أجله ، قال : هذا الملك الهني .
فقال عمر : الحمد لله الذي أذل هذا وشيعته بالإسلام ، ثم قال للوفد : تكلموا . فقال أنس بن مالك : الحمد لله الذي أنجز وعده وأعز دينه وخذل من حاده ، وأورثنا أرضهم وديارهم ، وأفاء علينا أبناءهم وأموالهم ، فبكى عمر ثم قال للهرمزان : كيف رأيت صنيع الله بكم ؟ فلم يجبه ، قال : ما لك لا تتكلم ؟ قال : أكلام حي أم كلام ميت ؟ قال : أولست حيا ؟ فاستسقى الهرمزان ، فقال عمر : لا يجمع عليك القتل والعطش ، فأتوه بماء فأمسكه ، فقال عمر : اشرب لا بأس عليك ، فرمى بالإناء وقال : يا معشر العرب كنتم وأنتم على غير دين نتعبدكم ونقتلكم ، وكنتم أسوأ الأمم عندنا حالا ، فلما كان الله معكم لم يكن لأحد بالله طاقة ، فأمر عمر بقتله ، فقال : أولم تؤمني ؟ قال : كيف ؟ قال : قلت لي : تكلم لا بأس عليك ، وقلت : اشرب لا أقتلك حتى تشربه ، فقال الزبير وأنس : صدق ، فقال عمر : قاتله الله أخذ أمانا وأنا لا أشعر ، فنزع ما كان عليه ، فقال عمر لسراقة بن مالك بن جعشم ، وكان أسود نحيفا : البس سواري الهرمزان ، فلبسهما ولبس كسوته .
فقال عمر : الحمد لله الذي سلب كسرى وقومه حليهم وكسوتهم وألبسها سراقة ، ثم دعا الهرمزان إلى إسلام فأبى ، فقال علي بن أبي طالب : يا أمير المؤمنين فرق بين هؤلاء . فحمل عمر الهرمزان وجفينة وغيرهما في البحر ، وقال : اللهم اكسر بهم ، وأراد أن يسير بهم إلى الشام فكسر بهم ولم يغرقوا فرجعوا فأسلموا ، وفرض لهم عمر في ألفين ألفين ، وسمى الهرمزان عرفطة .
قال المسور بن مخرمة : رأيت الهرمزان بالروحاء مهلا بالحج مع عمر .
وروى إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن جده ، قال : رأيت الهرمزان مهلا بالحج مع عمر ، وعليه حلة حبرة .
وقال علي بن زيد بن جدعان ، عن أنس ، قال : ما رأيت رجلا أخمص بطنا ولا أبعد ما بين المنكبين من الهرمزان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق