وأما الإسلام فكان عزيزا منيعا بالأندلس في دولة الداخل .
فانظر إلى هذا الأمان الذي كتب عنه للنصارى :
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب أمان ورحمة ، وحقن دماء وعصمة ، عقده الأمير الأكرم الملك المعظم عبد الرحمن بن معاوية ، ذو الشرف الصميم ، والخير العميم ، للبطارقة والرهبان ، ومن تبعهم من سائر البلدان ، أهل قشتالة وأعمالها ، ما داموا على الطاعة في أداء ما تحملوه ، فأشهد على نفسه أن عهده لا ينسخ ما أقاموا على تأدية عشرة آلاف أوقية من الذهب ، وعشرة آلاف رطل من الفضة ، وعشرة آلاف رأس من خيار الخيل ، ومثلها من البغال ، مع ذلك ألف درع وألف بيضة ، ومن الرماح الدردار مثلها في كل عام ، ومتى ثبت عليهم النكث بأسير يأسرونه ، أو مسلم يغدرونه ، انتكث ما عوهدوا عليه ، وكتب لهم هذا الأمان بأيديهم إلى خمس سنين ، أولها صفر عام اثنين وأربعين ومائة .
وقال أبو المظفر الأبيوردي في أخبار بني أمية : كان الناس يقولون : ملك الأرض ابنا بربريتين - يعني : عبد الرحمن والمنصور .
وكان المنصور يقول عن عبد الرحمن بن معاوية : ذاك صقر قريش ، دخل المغرب وقد قتل قومه ، فلم يزل يضرب العدنانية بالقحطانية حتى ملك .
، وغزا عدة غزوات ، من ذلك : غزوة قشتالة ، جاز إليها من نهر طليطلة ، وفرت الروم أمامه ، وتعلقت بالحبال ، فلم يزل حتى وصل مدينة برنيقة ، من مملكة قشتالة ، فنزل عليها ، وأمر برفع الخيام ، وشرع في البناء ، وأخذ الناس يبنون ، فسلموا إليه بالأمان عند إياسهم من النجدة ، وخرجوا بثيابهم فقط ، وما يزودهم ، ثم كتب لأهل قشتالة ذلك الأمان الذي تقدم ، وهو بخط الوزير بشر بن سعيد الغافقي . ولما صفا الأمر لعبد الرحمن بعد مقتل عثمان بن حمزة، من ولد عمر بن الخطاب ، وذلك بعد سبعة أعوام من تمنعه بطليطلة ، عظم سلطانه ، وامتدت أيامه وعاش ستين سنة ، ثم توفي سنة اثنتين وسبعين ومائة ، وأيست بنو العباس من مملكة الأندلس لبعد الشقة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق