السبت، 12 نوفمبر 2016

تزويج بنت سعيد بن المسيب

وقال أبو بكر بن أبي داود : كانت بنت سعيد قد خطبها عبد الملك لابنه الوليد ، فأبى عليه ، فلم يزل يحتال عبد الملك عليه حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد ، وصب عليه جرة ماء ، وألبسه جبة صوف . 

ثم قال : حدثني أحمد ابن أخي عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمر بن وهب ، عن عطاف بن خالد ، عن ابن حرملة ، عن ابن أبي وداعة -يعني كثيرا - قال : كنت أجالس سعيد بن المسيب ، ففقدني أياما ، فلما جئته قال : أين كنت؟ قلت : توفيت أهلي فاشتغلت بها . فقال : ألا أخبرتنا فشهدناها . ثم قال : هل استحدثت امرأة؟ فقلت : يرحمك الله ، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟ قال : أنا . فقلت : وتفعل؟ قال : نعم ، ثم تحمد ، وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوجني على درهمين -أو قال : ثلاثة- فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح . 

فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر فيمن أستدين ، فصليت المغرب ، ورجعت إلى منزلي ، وكنت وحدي صائما ، فقدمت عشائي أفطر ، وكان خبزا وزيتا ، فإذا بابي يقرع ، فقلت : من هذا؟ فقال : سعيد . فأفكرت في كل من اسمه سعيد إلا ابن المسيب ، فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد ، فخرجت ، فإذا سعيد ، فظننت أنه قد بدا له ، فقلت : يا أبا محمد ألا أرسلت إلي فآتيك؟ قال : لا ، أنت أحق أن تؤتى ، إنك كنت رجلا عزبا فتزوجت ، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك ، وهذه امرأتك . 

فإذا هي قائمة من خلفه في طوله ، ثم أخذ بيدها فدفعها في الباب ، ورد الباب ، فسقطت المرأة من الحياء ، فاستوثقت من الباب ، ثم وضعت القصعة في ظل السراج لكي لا تراه ، ثم صعدت إلى السطح فرميت الجيران ، فجاءوني فقالوا : ما شأنك؟ فأخبرتهم . ونزلوا إليها ، وبلغ أمي ، فجاءت وقالت : وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام ، فأقمت ثلاثا ، ثم دخلت بها ، فإذا هي من أجمل الناس ، وأحفظ الناس لكتاب الله ، وأعلمهم بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعرفهم بحق زوج . 

فمكثت شهرا لا آتي سعيد بن المسيب . ثم أتيته وهو في حلقته ، فسلمت ، فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض المجلس ، فلما لم يبق غيري قال : ما حال ذلك الإنسان؟ قلت : خير يا أبا محمد على ما يحب الصديق ، ويكره العدو . قال : إن رابك شيء ، فالعصا ، فانصرفت إلى منزلي ، فوجه إلي بعشرين ألف درهم . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق