قلتُ (الإمام الذهبي) : الطريقة المثلى هي المحمدية ، وهو الأخذ من الطيبات ، وتناول الشهوات المباحة من غير إسراف ، كما قال تعالى : ((يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا)) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لكني أصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وآتي النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني.
فلم يشرع لنا الرهبانية ، ولا التمزق ولا الوصال بل ولا صوم الدهر ، ودين الإسلام يسر وحنيفية سمحة ، فليأكل المسلم من الطيب إذا أمكنه ، كما قال تعالى : ((لينفق ذو سعة من سعته)) وقد كان النساء أحب شيء إلى نبينا -صلى الله عليه وسلم- . وكذلك اللحم والحلواء والعسل والشراب الحلو البارد والمسك ، وهو أفضل الخلق وأحبهم إلى الله تعالى . ثم العابد العري من العلم ، متى زهد وتبتل وجاع ، وخلا بنفسه ، وترك اللحم والثمار ، واقتصر على الدقة والكسرة ، صفت حواسه ولطفت ، ولازمته خطرات النفس ، وسمع خطابا يتولد من الجوع والسهر ، لا وجود لذلك الخطاب - والله - في الخارج ، وولج الشيطان في باطنه وخرج ، فيعتقد أنه قد وصل ، وخوطب وارتقى ، فيتمكن منه الشيطان ، ويوسوس له ، فينظر إلى المؤمنين بعين الازدراء ، ويتذكر ذنوبهم ، وينظر إلى نفسه بعين الكمال ، وربما آل به الأمر إلى أن يعتقد أنه ولي ، صاحب كرامات وتمكن ، وربما حصل له شك ، وتزلزل إيمانه . فالخلوة والجوع أبو جاد الترهب ، وليس ذلك من شريعتنا في شيء . بلى ، السلوك الكامل هو الورع في القوت ، والورع في المنطق ، وحفظ اللسان ، وملازمة الذكر ، وترك مخالطة العامة ، والبكاء على الخطيئة ، والتلاوة بالترتيل والتدبر ، ومقت النفس وذمها في ذات الله ، والإكثار من الصوم المشروع ، ودوام التهجد ، والتواضع للمسلمين ، وصلة الرحم ، والسماحة وكثرة البشر ، والإنفاق مع الخصاصة ، وقول الحق المر برفق وتؤدة ، والأمر بالعرف ، والأخذ بالعفو ، والإعراض عن الجاهلين ، والرباط بالثغر ، وجهاد العدو ، وحج البيت ، وتناول الطيبات في الأحايين ، وكثرة الاستغفار في السحر . فهذه شمائل الأولياء ، وصفات المحمديين . أماتنا الله على محبتهم .
- بتصرف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق