روى الأعمش ، عن خيثمة : قال أبو الدرداء : كنت تاجرا قبل المبعث ، فلما جاء الإسلام ، جمعت التجارة والعبادة ، فلم يجتمعا ، فتركت التجارة ، ولزمت العبادة .
قلت : الأفضل جمع الأمرين مع الجهاد ، وهذا الذي قاله هو طريق جماعة من السلف والصوفية ، ولا ريب أن أمزجة الناس تختلف في ذلك ، فبعضهم يقوى على الجمع ، كالصّدّيق ، وعبد الرحمن بن عوف ، وكما كان ابن المبارك ; وبعضهم يعجز ، ويقتصر على العبادة ، وبعضهم يقوى في بدايته ، ثم يعجز ، وبالعكس ; وكل سائغ . ولكن لا بد من النهضة بحقوق الزوجة والعيال .
عن إسماعيل بن عبيد الله ، قال : بينا أبو ثعلبة الخشني ، وكعب جالسين ; إذ قال أبو ثعلبة : يا أبا إسحاق ، ما من عبد تفرغ لعبادة الله إلا كفاه الله مئونة الدنيا .
قال كعب : فإن في كتاب الله المنزل : من جعل الهموم هما واحدا ، فجعله في طاعة الله ، كفاه الله ما همه ، وضمن السماوات والأرض ، فكان رزقه على الله وعمله لنفسه . ومن فرق همومه ، فجعل في كل واد هما ، لم يبال الله في أيها هلك .
قلت : من التفرغ للعبادة السعي في السبب ، ولا سيما لمن له عيال ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : (إن أفضل ما أكل الرجل من كسب يمينه) .
أما من يعجز عن السبب لضعف أو لقلة حيلة ، فقد جعل الله له حظا في الزكاة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق