وقال أحمد بن سلمة النيسابوري الحافظ : كان هناد - رحمه الله - كثير البكاء ، فرغ يوما من القراءة لنا ، فتوضأ وجاء إلى المسجد ، فصلى إلى الزوال ، وأنا معه في المسجد ، ثم رجع إلى منزله ، فتوضأ ، وجاء فصلى بنا الظهر ، ثم قام على رجليه يصلي إلى العصر ، يرفع صوته بالقرآن ، ويبكي كثيرا . ثم إنه صلى بنا العصر ، وأخذ يقرأ في المصحف ، حتى صلى المغرب . قال : فقلت لبعض جيرانه : ما أصبره على العبادة ، فقال : هذه عبادته بالنهار منذ سبعين سنة ، فكيف لو رأيت عبادته بالليل ، وما تزوج قط ، ولا تسرى ، وكان يقال له : راهب الكوفة .
مختارات وفوائد ونوادر من كتاب (سير أعلام النبلاء) للإمام الذهبي
السبت، 10 سبتمبر 2016
هناد بن السري
وقال أحمد بن سلمة النيسابوري الحافظ : كان هناد - رحمه الله - كثير البكاء ، فرغ يوما من القراءة لنا ، فتوضأ وجاء إلى المسجد ، فصلى إلى الزوال ، وأنا معه في المسجد ، ثم رجع إلى منزله ، فتوضأ ، وجاء فصلى بنا الظهر ، ثم قام على رجليه يصلي إلى العصر ، يرفع صوته بالقرآن ، ويبكي كثيرا . ثم إنه صلى بنا العصر ، وأخذ يقرأ في المصحف ، حتى صلى المغرب . قال : فقلت لبعض جيرانه : ما أصبره على العبادة ، فقال : هذه عبادته بالنهار منذ سبعين سنة ، فكيف لو رأيت عبادته بالليل ، وما تزوج قط ، ولا تسرى ، وكان يقال له : راهب الكوفة .
أبواب الخير كثيرة
إن عبد الله العمري العابد كتب إلى مالك يحضه على الانفراد والعمل .فكتب إليه مالك :
إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق ، فرب رجل فتح له في الصلاة ، ولم يفتح له في الصوم ، وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم ، وآخر فتح له في الجهاد . فنشر العلم من أفضل أعمال البر ، وقد رضيت بما فتح لي فيه ، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه ، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر .
فاعلم أنك محروم
عن الفضيل بن عياض: إذا لم تقدر على قيام الليل ، وصيام النهار ، فاعلم أنك محروم ، كبلتك خطيئتك .
الناس في الليل على ثلاث منازل
عن سلمان (الفارسي) قال : إذا كان الليل ، كان الناس منه على ثلاث منازل : فمنهم من له ولا عليه ، ومنهم من عليه ولا له ، ومنهم من لا عليه ولا له . فقلت : وكيف ذاك ؟ قال : أما من له ولا عليه ، فرجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل ، فتوضأ وصلى ، فذاك له ولا عليه ، ورجل اغتنم غفلة الناس ، وظلمة الليل ، فمشى في معاصي الله ، فذاك عليه ولا له ، ورجل نام حتى أصبح ، فذاك لا له ولا عليه .
وأين مثل الجنيد
قال أبو محمد الجريري : سمعت الجنيد يقول : ما أخذنا التصوف عن القال والقيل، بل عن الجوع ، وترك الدنيا ، وقطع المألوفات .
قلت : هذا حسن ، ومراده : قطع أكثر المألوفات ، وترك فضول الدنيا ، وجوع بلا إفراط . أما من بالغ في الجوع كما يفعله الرهبان ، ورفض سائر الدنيا ، ومألوفات النفس ، من الغذاء والنوم والأهل ، فقد عرض نفسه لبلاء عريض ، وربما خولط في عقله ، وفاته بذلك كثير من الحنيفية السمحة ، وقد جعل الله لكل شيء قدرا ، والسعادة في متابعة السنن ، فزن الأمور بالعدل ، وصم وأفطر ، ونم وقم ، والزم الورع في القوت ، وارض بما قسم الله لك ، واصمت إلا من خير ، فرحمة الله على الجنيد ، وأين مثل الجنيد في علمه وحاله ؟ .
الطريقة المثلى هي...
قلتُ (الإمام الذهبي) : الطريقة المثلى هي المحمدية ، وهو الأخذ من الطيبات ، وتناول الشهوات المباحة من غير إسراف ، كما قال تعالى : ((يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا)) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لكني أصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وآتي النساء. فمن رغب عن سنتي فليس مني.
فلم يشرع لنا الرهبانية ، ولا التمزق ولا الوصال بل ولا صوم الدهر ، ودين الإسلام يسر وحنيفية سمحة ، فليأكل المسلم من الطيب إذا أمكنه ، كما قال تعالى : ((لينفق ذو سعة من سعته)) وقد كان النساء أحب شيء إلى نبينا -صلى الله عليه وسلم- . وكذلك اللحم والحلواء والعسل والشراب الحلو البارد والمسك ، وهو أفضل الخلق وأحبهم إلى الله تعالى . ثم العابد العري من العلم ، متى زهد وتبتل وجاع ، وخلا بنفسه ، وترك اللحم والثمار ، واقتصر على الدقة والكسرة ، صفت حواسه ولطفت ، ولازمته خطرات النفس ، وسمع خطابا يتولد من الجوع والسهر ، لا وجود لذلك الخطاب - والله - في الخارج ، وولج الشيطان في باطنه وخرج ، فيعتقد أنه قد وصل ، وخوطب وارتقى ، فيتمكن منه الشيطان ، ويوسوس له ، فينظر إلى المؤمنين بعين الازدراء ، ويتذكر ذنوبهم ، وينظر إلى نفسه بعين الكمال ، وربما آل به الأمر إلى أن يعتقد أنه ولي ، صاحب كرامات وتمكن ، وربما حصل له شك ، وتزلزل إيمانه . فالخلوة والجوع أبو جاد الترهب ، وليس ذلك من شريعتنا في شيء . بلى ، السلوك الكامل هو الورع في القوت ، والورع في المنطق ، وحفظ اللسان ، وملازمة الذكر ، وترك مخالطة العامة ، والبكاء على الخطيئة ، والتلاوة بالترتيل والتدبر ، ومقت النفس وذمها في ذات الله ، والإكثار من الصوم المشروع ، ودوام التهجد ، والتواضع للمسلمين ، وصلة الرحم ، والسماحة وكثرة البشر ، والإنفاق مع الخصاصة ، وقول الحق المر برفق وتؤدة ، والأمر بالعرف ، والأخذ بالعفو ، والإعراض عن الجاهلين ، والرباط بالثغر ، وجهاد العدو ، وحج البيت ، وتناول الطيبات في الأحايين ، وكثرة الاستغفار في السحر . فهذه شمائل الأولياء ، وصفات المحمديين . أماتنا الله على محبتهم .
- بتصرف.
الجمع بين أمور الدنيا والآخرة
روى الأعمش ، عن خيثمة : قال أبو الدرداء : كنت تاجرا قبل المبعث ، فلما جاء الإسلام ، جمعت التجارة والعبادة ، فلم يجتمعا ، فتركت التجارة ، ولزمت العبادة .
قلت : الأفضل جمع الأمرين مع الجهاد ، وهذا الذي قاله هو طريق جماعة من السلف والصوفية ، ولا ريب أن أمزجة الناس تختلف في ذلك ، فبعضهم يقوى على الجمع ، كالصّدّيق ، وعبد الرحمن بن عوف ، وكما كان ابن المبارك ; وبعضهم يعجز ، ويقتصر على العبادة ، وبعضهم يقوى في بدايته ، ثم يعجز ، وبالعكس ; وكل سائغ . ولكن لا بد من النهضة بحقوق الزوجة والعيال .
عن إسماعيل بن عبيد الله ، قال : بينا أبو ثعلبة الخشني ، وكعب جالسين ; إذ قال أبو ثعلبة : يا أبا إسحاق ، ما من عبد تفرغ لعبادة الله إلا كفاه الله مئونة الدنيا .
قال كعب : فإن في كتاب الله المنزل : من جعل الهموم هما واحدا ، فجعله في طاعة الله ، كفاه الله ما همه ، وضمن السماوات والأرض ، فكان رزقه على الله وعمله لنفسه . ومن فرق همومه ، فجعل في كل واد هما ، لم يبال الله في أيها هلك .
قلت : من التفرغ للعبادة السعي في السبب ، ولا سيما لمن له عيال ، قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : (إن أفضل ما أكل الرجل من كسب يمينه) .
أما من يعجز عن السبب لضعف أو لقلة حيلة ، فقد جعل الله له حظا في الزكاة .
الأربعاء، 7 سبتمبر 2016
قد خالف الله بينكم
كان لأبي الجعد ستة بنين : فاثنان شيعيان ، واثنان مرجئان ، واثنان خارجيان ، فكان أبوهم يقول : قد خالف الله بينكم .
القاضي أبو بكر بن الطيب بن الباقلاني رحمه الله
القاضي أبو بكر بن الطيب بن الباقلاني رحمه الله:
وَقَدْ سَارَ القَاضِي رسولاً عَنْ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ إِلَى طَاغيَةِ الرُّوْمِ، وَجَرَتْ لَهُ أُمُورٌ، مِنْهَا أَنَّ الملِكَ أَدْخَلَه عَلَيْهِ مِنْ بَاب خَوخَةٍ ليدخُل رَاكعاً لِلْمَلِكِ، فَفَطِنَ لَهَا القَاضِي، وَدَخَلَ بِظَهْرِهِ.
وَمِنْهَا أَنَّهُ قَالَ لرَاهبهم، كَيْفَ الأَهْلُ وَالأَولاَدُ؟ فَقَالَ المَلِكُ: مَهْ! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الرَّاهبَ يتنزّه عَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: تُنَزِّهُونه عَنْ هَذَا، ولا تنزهون رب العَالَمِين عَنِ الصَّاحبَة وَالوَلَد!
وَقِيْلَ: إِنَّ الطَّاغيَةَ سأَلَه: كَيْفَ جَرَى لزَوْجَةِ نَبِيِّكُم؟ يَقْصِدُ تَوْبِيْخاً قال: كَمَا جَرَى لمَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَان، وَبَرَّأَهُمَا اللهُ، لَكِنَّ عَائِشَةَ لَمْ تَأَتِ بِوَلَدٍ. فَأَفْحَمَهُ.
إخوان وإن لم نتفق
قال يونس الصدفي : ما رأيت أعقل من الشافعي ، ناظرته يوما في مسألة ، ثم افترقنا ، ولقيني ، فأخذ بيدي ، ثم قال : يا أبا موسى ، ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة .
قلت : هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام ، وفقه نفسه ، فما زال النظراء يختلفون .
أبو الدرداء رضي الله عنه
قال أبو الزاهرية : كان أبو الدرداء من آخر الأنصار إسلاما وكان يعبد صنما ، فدخل ابن رواحة ، ومحمد بن مسلمة بيته ، فكسرا صنمه ، فرجع فجعل يجمع الصنم ، ويقول : ويحك! هلا امتنعت! ألا دفعت عن نفسك؟! ، فقالت أم الدرداء : لو كان ينفع أو يدفع عن أحد ، دفع عن نفسه ، ونفعها ! .
فقال أبو الدرداء : أعدي لي ماء في المغتسل . فاغتسل ، ولبس حلته ، ثم ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- فنظر إليه ابن رواحة مقبلا ، فقال : يا رسول الله ، هذا أبو الدرداء ، وما أراه إلا جاء في طلبنا ؟ فقال : إنما جاء ليسلم ، إن ربي وعدني بأبي الدرداء أن يسلم .
عمرو بن الجموح
روى ثابت البناني : عن عكرمة ، قال : قدم مصعب بن عمير المدينة يعلم الناس ، فبعث إليه عمرو بن الجموح : ما هذا الذي جئتمونا ؟ قالوا : إن شئت جئناك ، فأسمعناك القرآن . قال : نعم . فقرأ صدرا من سورة يوسف ، فقال عمرو : إن لنا مؤامرة في قومنا - وكان سيد بني سلمة - فخرجوا ، ودخل على مناف فقال : يا مناف ، تعلم - والله - ما يريد القوم غيرك ، فهل عندك من نكير؟ .
قال : فقلده السيف وخرج ، فقام أهله فأخذوا السيف ، فلما رجع قال : أين السيف يا مناف ؟ ويحك ! إن العنز لتمنع استها ، والله ما أرى في أبي جعارغدا من خير . ثم قال لهم : إني ذاهب إلى مالي فاستوصوا بمناف خيرا .
فذهب ، فأخذوه فكسروه وربطوه مع كلب ميت وألقوه في بئر ، فلما جاء قال : كيف أنتم ؟ قالوا : بخير يا سيدنا ، طهر الله بيوتنا من الرجس . قال : والله إني أراكم قد أسأتم خلافتي في مناف . قالوا : هو ذاك ، انظر إليه في ذلك البئر . فأشرف فرآه ، فبعث إلى قومه فجاءوا ، فقال : ألستم على ما أنا عليه ؟ قالوا : بلى ، أنت سيدنا . قال : فأشهدكم أني قد آمنت بما أنزل على محمد .
قال : فلما كان يوم أحد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين " . فقام - وهو أعرج - فقال : والله لأقحزن عليها في الجنة . فقاتل حتى قتل .
وعن عاصم بن عمر أن إسلام عمرو بن الجموح تأخر ، وكان له صنم يقال له مناف ، وكان فتيان بني سلمة قد آمنوا ، فكانوا يمهلون ، حتى إذا ذهب الليل دخلوا بيت صنمه فيطرحونه في أنتن حفرة منكسا ، فإذا أصبح عمرو غمه ذلك ، فيأخذه فيغسله ويطيبه ، ثم يعودون لمثل فعلهم ، فأبصر عمرو شأنه وأسلم ، وقال أبياتا منها :
والله لو كنت إلها لم تكن...
أنت وكلب وسط بئر في قرن
أف لمثواك إلها مستدن...
فالآن فتشناك عن شر الغبن
روى محمد بن مسلم ، عن عمرو بن دينار وفطر بن خليفة ، عن حبيب بن أبي ثابت ، وابن عيينة ، عن ابن المنكدر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يا بني سلمة ، من سيدكم ؟ قالوا : الجد بن قيس ، وإنا لنبخله . قال : وأي داء أدوى من البخل ؟ ! بل سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح " .
قال الواقدي : لم يشهد بدرا - كان أعرج - ولما خرجوا يوم أحد منعه بنوه ، وقالوا : عذرك الله . فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشكوهم ، فقال : " لا عليكم أن لا تمنعوه ; لعل الله يرزقه الشهادة " .
قالت امرأته هند أخت عبد الله بن عمرو بن حرام : كأني أنظر إليه قد أخذ درقته وهو يقول : اللهم لا تردني . فقتل هو وابنه خلاد .
إسرائيل : عن سعيد بن مسروق ، عن أبي الضحى : أن عمرو بن الجموح قال لبنيه : أنتم منعتموني الجنة يوم بدر ، والله لإن بقيت لأدخلن الجنة . فلما كان يوم أحد ، قال عمر : لم يكن لي هم غيره ، فطلبته ، فإذا هو في الرعيل الأول .
قال مالك : كفن هو وعبد الله بن عمرو بن حرام في كفن واحد .
مالك : عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح ، وابن حرام كان السيل قد خرب قبرهما ، فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما ، فوجدا لم يتغيرا ، كأنما ماتا بالأمس . وكان أحدهما قد جرح ، فوضع يده على جرحه ، فدفن كذلك ، فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت ، فرجعت كما كانت .
وكان بين يوم أحد ويوم حفر عنهما ست وأربعون سنة .
تقارب القلوب
قال أحمد بن محمد بن الصقر ، سمعت أبا الحسن بن قريش يقول : حضرت إبراهيم الحربي - وجاءه يوسف القاضي ، ومعه ابنهأبو عمر - فقال له : يا أبا إسحاق ، لو جئناك على مقدار واجب حقك ، لكانت أوقاتنا كلها عندك . فقال : ليس كل غيبة جفوة ، ولا كل لقاء مودة ، وإنما هو تقارب القلوب .
لم لا تقنت في صلاة الفجر؟
قيل لأبي العباس الدغولي:لم لا تقنت في صلاة الفجر؟
فقال:لراحة الجسد وسنة أهل البلد ومداراة الأهل والولد.
فقال:لراحة الجسد وسنة أهل البلد ومداراة الأهل والولد.
كن بين المنقبض والمنبسط
وقال يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعي يقول : يا يونس ، الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة ، والانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء ، فكن بين المنقبض والمنبسط .
كأن لحيته الذهب
روى سعيد بن عبد العزيز: عن أبي عبد رب: رأيت معاوية
يخضب بالصفرة كأن لحيته الذهب.
قلت (الذهبي): كان ذلك لائقا في ذلك الزمان واليوم لو
فعل لاستهجن.
يخضب بالصفرة كأن لحيته الذهب.
قلت (الذهبي): كان ذلك لائقا في ذلك الزمان واليوم لو
فعل لاستهجن.
أنتم تغتابون الناس
قال شقيق البلخي : قيل لابن المبارك : إذا أنت صليت لم لا تجلس معنا ؟ قال : أجلس مع الصحابة والتابعين ، أنظر في كتبهم وآثارهم ، فما أصنع معكم ؟ أنتم تغتابون الناس .
مخالطة الناس
جاء رجل إلى وهب بن منبه فقال قد حدثت نفسي أن لا أخالط
الناس قال لا تفعل إنه لا بد لك من الناس ولا بد لهم منك ولهم
إليك حوائج ولك نحوها لكن كن فيهم أصم سميعا أعمى بصيرا
سكوتا نطوقا.
عروة بن الزبير بن العوام
عن هشام بن عروة ، قال : لما اتخذ عروة قصره بالعقيق قال له الناس : جفوتَ مسجد رسول الله ! قال : رأيت مساجدهم لاهية ، وأسواقهم لاغية ، والفاحشة في فجاجهم عالية ; فكان فيما هنالك - عما هم فيه - عافية .
محمد بن شهاب الزهري
كان ابن شهاب يختم حديثه بدعاء جامع ، يقول :
( اللهم أسألك من كل خير أحاط به علمك في الدنيا والآخرة ، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك في الدنيا والآخرة)
وكان من أسخى من رأيت ، كان يعطي ، فإذا فرغ ما معه يستلف من عبيده ، يقول : يا فلان ، أسلفني كما تعرف ، وأضعف لك كما تعلم ، وكان يطعم الناس الثريد ، ويسقيهم العسل، وكان يكثر شرب العسل ، ولا يأكل شيئا من التفاح ، وسمعته يبكي على العلم بلسانه ، ويقول : يذهب العلم ، وكثير ممن كان يعمل به ، فقلت له : لو وضعت من علمك عند من ترجو أن يكون خلفا ، قَالَ : والله ما نشر أحد العلم نشري ، ولا صبر عليه صبري ، ولقد كنا نجلس إلى ابن المسيب ، فما يستطيع أحد منا أن يسأله عن شيء إلا أن يبتدئ الحديث ، أو يأتي رجل يسأله عن شيء قد نزل به.
من أفضل أعمال عبد الرحمن بن عوف
حسن الإستماع
قال ابن جريج عن عطاء : إن الرجل ليحدثني بالحديث ، فأنصت له كأني لم أسمعه ، وقد سمعته قبل أن يولد .
شعراء الرسول
قال ابن سيرين : كان شعراء أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : حسان بن ثابت ، وعبد الله بن رواحة ، وكعب بن مالك .
قال ابن سيرين : أما كعب ، فكان يذكر الحرب ، يقول : فعلنا ونفعل ، ويتهددهم . وأما حسان ، فكان يذكر عيوبهم وأيامهم . وأما ابن رواحة ، فكان يعيرهم بالكفر .
حسان بن ثابت
عن محمد بن السائب بن بركة ، عن أمّه : أنها طافت مع عائشة ، ومعها نسوة ، فوقعن في حسان ، فقالت : لا تسبوه ، قد أصابه ما قال الله : (أولئك لهم عذاب أليم) وقد عمي ، والله إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بكلمات قالهن لأبي سفيان بن الحارث :
هجوتَ محمدا فأجبتُ عنه....
وعند الله في ذاك الجزاءُ
فإن أبي ووالده وعِرضي...
لعِرض محمد منكم وقاءُ
أتهجوه ولستَ له بكفء...
فشركما لخيركما الفداءُ
السرية
وقال إبراهيم بن رستم : قال أبو حمزة (السكري): اختلفتُ إلى إبراهيم الصائغ نيفا وعشرين سنة ، ما علم أحد من أهل بيتي أين ذهبت ، ولا من أين جئت.
قلت : لأن إبراهيم الصائغ كان في السجن ، سجن المسَوِّدة ، ولا يذهب أحد إليه إلا مختفيا.
قلت : لأن إبراهيم الصائغ كان في السجن ، سجن المسَوِّدة ، ولا يذهب أحد إليه إلا مختفيا.
عبدالرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان
عبدالرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان القرشي الاموي:
قال موسى التيمي: ما رأيت أحدا أجمع للدين والمملكة والشرف منه.
وقيل: كان يشتري أهل البيت فيكسوهم ويعتقهم ويقول: أستعين بهم على غمرات الموت، فمات وهو نائم في مسجده.
قال موسى التيمي: ما رأيت أحدا أجمع للدين والمملكة والشرف منه.
وقيل: كان يشتري أهل البيت فيكسوهم ويعتقهم ويقول: أستعين بهم على غمرات الموت، فمات وهو نائم في مسجده.
أول طلب البخاري للعلم
قال محمد بن أبي حاتم : قلت لأبي عبد الله : كيف كان بدء أمرك ؟ قال : ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب . فقلت : كم كان سنك؟ فقال : عشر سنين ، أو أقل . ثم خرجت من الكتاب بعد العشر ، فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره . فقال يوما فيما كان يقرأ للناس : سفيان ، عن أبي الزبير ، عن إبراهيم ، فقلت له : إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم . فانتهرني ، فقلت له : ارجع إلى الأصل . فدخل فنظر فيه ، ثم خرج ، فقال لي : كيف هو يا غلام ؟ قلت : هو الزبير بن عدي ، عن إبراهيم ، فأخذ القلم مني ، وأحكم كتابه ، وقال : صدقت . فقيل للبخاري : ابن كم كنت حين رددت عليه ؟ قال ابن إحدى عشرة سنة . فلما طعنت في ست عشرة سنة ، كنت قد حفظت كتب ابن المبارك ووكيع ، وعرفت كلام هؤلاء ، ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة ، فلما حججت رجع أخي بها ، وتخلفت في طلب الحديث .
أبو العتاهية
قال أبو العتاهية:
إن الشباب والفراغ والجدة...
مفسدة للمرء أي مفسده
حسبك مما تبتغيه القوت...
ما أكثر القوت لمن يموت
هي المقادير فلمني أو فذر...
إن كنت أخطأت فما أخطا القدر
زبيد بن الحارث
كان زبيد بن الحارث مؤذن مسجده ، فكان يقول للصبيان : تعالوا فصلوا ، أهب لكم جوزا ، فكانوا يصلون ثم يحيطون به ، فقلت له في ذلك ، فقال : وما علي أن أشتري لهم جوزا بخمسة دراهم ، ويتعودون الصلاة . وبلغنا عن زبيد أنه كان إذا كانت ليلة مطيرة طاف على عجائز الحي ، ويقول : ألكم في السوق حاجة ؟
مالك بن دينار
دخل على مالك بن دينار لص ، فما وجد ما يأخذ ، فناداه مالك : لم تجد شيئا من الدنيا ، فترغب في شيء من الآخرة ؟ قال : نعم . قال : توضأ ، وصل ركعتين ، ففعل ثم جلس وخرج إلى المسجد . فسئل من ذا ؟ قال : جاء ليسرق فسرقناه.
جرير بن عبد الله
قال جرير بن عبد الله : لما دنوت من المدينة ، أنخت راحلتي ، وحللت عيبتي ، ولبست حلتي ، ثم دخلت المسجد ; فإذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم- يخطب ، فرماني الناس بالحدق . فقلت لجليسي : يا عبد الله ، هل ذكر رسول الله من أمري شيئا ؟ قال : نعم ، ذكرك بأحسن الذكر ; بينما هو يخطب ، إذ عرض له في خطبته ، فقال : إنه سيدخل عليكم من هذا الفج من خير ذي يمن ; ألا وإن على وجهه مسحة ملك . قال : فحمدت الله .
قلت : كان بديع الحسن ، كامل الجمال .
عن عدي بن حاتم ، قال : لما دخل ، يعني جريرا ، على النبي - صلى الله عليه وسلم- ألقى له وسادة ، فجلس على الأرض . فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : أشهد أنك لا تبغي علوا في الأرض ولا فسادا . فأسلم . ثم قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : إذا أتاكم كريم قوم ، فأكرموه .
قلت : كان بديع الحسن ، كامل الجمال .
عن عدي بن حاتم ، قال : لما دخل ، يعني جريرا ، على النبي - صلى الله عليه وسلم- ألقى له وسادة ، فجلس على الأرض . فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : أشهد أنك لا تبغي علوا في الأرض ولا فسادا . فأسلم . ثم قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : إذا أتاكم كريم قوم ، فأكرموه .
خَيْرَ الشَّرَّيْنِ
قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : " لَيْسَ الْعَاقِلُ الَّذِي يَعْرِفُ الْخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ ، وَلَكِنِ الْعَاقِلُ الَّذِي يَعْرِفُ خَيْرَ الشَّرَّيْنِ " .
أويس القرني
كان أويس القرني إذا أمسى يقول : هذه ليلة الركوع ، فيركع حتى يصبح ، وكان إذا أمسى يقول : هذه ليلة السجود ، فيسجد حتى يصبح . وكان إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والشراب ثم قال : اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به ، ومن مات عريا فلا تؤاخذني به .
هل الكفار يعرفون الله تعالى أم لا ؟
وحكى القاضي عياض قال : حدث في القيروان مسألة في الكفار ; هل يعرفون الله تعالى أم لا ؟ فوقع فيها اختلاف العلماء ، ووقعت في ألسنة العامة ، وكثر المراء ، واقتتلوا في الأسواق إلى أن ذهبوا إلى أبي عمران الفاسي ، فقال : إن أنصتم ، علمتكم . قالوا : نعم . قال : لا يكلمني إلا رجل ، ويسمع الباقون . فنصبوا واحدا ، فقال له : أرأيت لو لقيت رجلا ، فقلت له : أتعرف أبا عمران الفاسي ؟ قال : نعم . فقلت له : صفه لي . قال : هو بقال في سوق كذا ، ويسكن سبتة ، أكان يعرفني ؟ فقال : لا . فقال : لو لقيت آخر فسألته كما سألت الأول ، فقال أعرفه ، يدرس العلم ، ويفتي ، ويسكن بغرب الشماط أكان يعرفني ؟ قال : نعم . قال : فكذلك الكافر قال : لربه صاحبة وولد ، وأنه جسم ، فلم يعرف الله ولا وصفه بصفته بخلاف المؤمن . فقالوا : شفيتنا . ودعوا له ، ولم يخوضوا بعد في المسألة .
قلت : المشركون والكتابيون وغيرهم عرفوا الله تعالى بمعنى أنهم لم يجحدوه ، وعرفوا أنه خالقهم ، قال تعالى : ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن اللهوقال : قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض فهؤلاء لم ينكروا البارئ ، ولا جحدوا الصانع ، بل عرفوه ، وإنما جهلوا نعوته المقدسة ، وقالوا عليه ما لا يعلمون ، والمؤمن يعرف ربه بصفات الكمال ، ونفى عنه سمات النقص في الجملة ، وآمن بربه ، وكف عما لا يعلم ، فبهذا يتبين لك أن الكافر عرف الله من وجه ، وجهله من وجوه ، والنبيون عرفوا الله تعالى ، وبعضهم أكمل معرفة لله ، والأولياء عرفوه معرفة جيدة ، ولكنها دون معرفة الأنبياء ، ثم المؤمنون العالمون بعدهم ، ثم الصالحون دونهم . فالناس في معرفة ربهم متفاوتون ، كما أن إيمانهم يزيد وينقص ، بل وكذلك الأمة في الإيمان بنبيهم والمعرفة له على مراتب ، فأرفعهم في ذلك أبو بكر الصديق مثلا ، ثم عدد من السابقين ، ثم سائر الصحابة ، ثم علماء التابعين ، إلى أن تنتهي المعرفة به والإيمان به إلى أعرابي جاهل وامرأة من نساء القرى ، ودون ذلك . وكذلك القول في معرفة الناس لدين الإسلام .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)