وقال حفص بن غياث قلت لسفيان : يا أبا عبد الله ! إن الناس قد أكثروا في المهدي ، فما تقول فيه ؟ قال : إن مر على بابك ، فلا تكن فيه في شيء حتى يجتمع الناس عليه .
مختارات وفوائد ونوادر من كتاب (سير أعلام النبلاء) للإمام الذهبي
الخميس، 17 نوفمبر 2016
التيقن من المهدي
وقال حفص بن غياث قلت لسفيان : يا أبا عبد الله ! إن الناس قد أكثروا في المهدي ، فما تقول فيه ؟ قال : إن مر على بابك ، فلا تكن فيه في شيء حتى يجتمع الناس عليه .
وفاة سعد بن أبي وقاص
عن مصعب بن سعد أنه قال : كان رأس أبي في حجري ، وهو يقضي ، فبكيت ، فرفع رأسه إلي ، فقال : أي بني ما يبكيك ؟ قلت : لمكانك وما أرى بك . قال : لا تبك ; فإن الله لا يعذبني أبدا ، وإني من أهل الجنة .
قلت ( أي الذهبي) : صدق والله ، فهنيئا له .
وعن أم سلمة أنها قالت : لما مات سعد ، وجيء بسريره ، فأدخل عليها ، جعلت تبكي وتقول : بقية أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
عن الزهري ، عن عامر بن سعد قال : كان سعد آخر المهاجرين وفاة .
رؤيا في الإبتعاد عن الفتن
عن حسين بن خارجة الأشجعي قال : لما قتل عثمان ، أشكلت علي الفتنة ، فقلت : اللهم أرني من الحق أمرا أتمسك به ، فرأيت في النوم الدنيا والآخرة بينهما حائط ، فهبطت الحائط ، فإذا بنفر ، فقالوا : نحن الملائكة ، قلت : فأين الشهداء ؟ قالوا : اصعد الدرجات ، فصعدت درجة ثم أخرى ، فإذا محمد وإبراهيم - صلى الله عليهما - وإذا محمد يقول لإبراهيم : استغفر لأمتي ، قال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم أهراقوا دماءهم ، وقتلوا إمامهم ، ألا فعلوا كما فعل خليلي سعد ؟ *
قال : قلت : لقد رأيت رؤيا ، فأتيت سعدا ، فقصصتها عليه ، فما أكثر فرحا ، وقال : قد خاب من لم يكن إبراهيم - عليه السلام - خليله ، قلت : مع أي الطائفتين أنت ؟ قال : ما أنا مع واحد منهما ، قلت : فما تأمرني ؟ قال : هل لك من غنم ؟ قلت : لا ، قال : فاشتر غنما ، فكن فيها حتى تنجلي .
* سعد: سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
رثاء المعتضد بالله
الخليفة أبو العباس ، أحمد بن الموفق بالله ، ولي العهد ، أبي أحمد ، طلحة بن المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن الرشيد الهاشمي العباسي . ولد في أيام جَدّهِ سنة اثنتين وأربعين ومائتين .
ولعبد الله بن المعتز يرثيه :
أين الجيوش التي قد كنت تسحبها ؟...
أين السرير الذي قد كنت تملؤه...
أين الأعادي الأولى ذللت مصعبهم ؟...
أين الجياد التي حجلتها بدم ؟...
أين الرماح التي غذيتها مهجا ؟...
أين الجنان التي تجري جداولها...
أين الوصائف كالغزلان رائحة ؟...
أين الملاهي ؟ وأين الراح تحسبها...
أين الوثوب إلى الأعداء مبتغيا...
ما زلت تقسر منهم كل قسورة...
ثم انقضيت فلا عين ولا أثر...
حكاية خياط
قيل : كان لتاجر على أمير مال ، فمطله ، ثم جحده ، فقال له صاحب له : قم معي ، فأتى بي خياطا في مسجد . فقام معنا إلى الأمير ، فلما رآه ، هابه ، ووفاني المال ، فقلت للخياط : خذ مني ما تريد ، فغضب ، فقلت له : فحدثني عن سبب خوفه منك ، قال : خرجت ليلة ، فإذا بتُركيّ قد صاد امرأة مليحة ، وهي تتمنع منه وتستغيث ، فأنكرت عليه ، فضربني .
فلما صليت العشاء جمعت أصحابي ، وجئت بابه ، فخرج في غلمانه ، وعرفني ، فضربني وشجني ، وحملت إلى بيتي ، فلما تنصف الليل ، قمت فأذنت في المنارة ، لكي يظن أن الفجر طلع ، فيخلي المرأة ، لأنها قالت : زوجي حالف علي بالطلاق أنني لا أبيت عن بيتي ، فما نزلت حتى أحاط بي بدر وأعوانه ، فأدخلت على المعتضد ، فقال : ما هذا الأذان ؟ فحدثته بالقصة ، فطلب التركي ، وجهز المرأة إلى بيتها ، وضرب التركي في جوالق حتى مات ، ثم قال لي : أنكِر المنكر ، وما جرى عليك فأذّن كما أذّنت ، فدعوت له ، وشاع الخبر ، فما خاطبت أحدا في خصمه إلا أطاعني وخاف .
أول وهن على الأمة
ولا ريب أن أول وهن على الأمة قتل خليفتها عثمان صبرا ، فهاجت الفتنة ، وجرت وقعة الجمل بسببها ، ثم وقعة صفين ، وجرت سيول الدماء في ذلك . ثم خرجت الخوارج ، وكفرت عثمان وعليا ، وحاربوا ، ودامت حروب الخوارجسنين عدة .
ثم هاجت المسودة بخراسان ، وما زالوا حتى قلعوا دولة بني أمية ، وقامت الدولة الهاشمية بعد قتل أمم لا يحصيهم إلا الله .
ثم اقتتل المنصور وعمه عبد الله . ثم خذل عبد الله ، وقتل أبو مسلم صاحب الدعوة .
ثم خرج ابنا حسن وكادا أن يتملكا ، فقتلا .
ثم كان حرب كبير بين الأمين والمأمون إلى أن قتل الأمين .
رثاء عثمان بن عفان
صبرا فدى لكم أمي وما ولدت...
ليسمعن وشيكا في ديارهم...
يوم مقتل عثمان بن عفان
وعن مسلم أبي سعيد ، قال : أعتق عثمان عشرين مملوكا ، ثم دعا بسراويل* ، فشدها عليه ، ولم يلبسها في جاهلية ولا إسلام ، وقال : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة ، وأبا بكر ، وعمر ، فقال : " اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة " ثم نشر المصحف بين يديه ، فقتل وهو بين يديه.
* لبس السراويل وشدها حتى لا تظهر عورته حين يستشهد
في ثقيف كذاب ومُبير
عن أسماء بنت أبي بكر ، أنها قالت للحجاج : أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن في ثقيف كذاباً ومُبيراً ، فأما الكذاب فقد رأيناه ، وأما المُبير فلا إخالك إلا إياه .
أخرجه مسلم .
تعني بالكذاب المختار بن أبي عبيد.
* مُبِيرٌ أَي مُهْلِكٌ يُسْرِفُ في إِهلاك الناس.
** المختار بن أبي عبيد هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي كان أبوه من أجلة الصحابة وولد المختار عام الهجرة وليس له صحبة ولا رواية ، وهو الذي قال في حقه عبد الله بن عصمة : هو الكذاب الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : في ثقيف كذاب ، كان أولا مشهورا بالفضل والعلم والخير ، وكان ذلك منه بخلاف ما يبطنه إلى أن فارق عبدَ الله بن الزبير ، وطلب الإمارة وأظهر ما كان يبطن من فساد الرأي والعقيدة والهوى إلى أن ظهر منه أسباب كثيرة تخالف الدين ، وكان يظهر طلب ثأر الحسين بن علي بن أبي طالب ليتمشى أمره الذي يرومه من الإمارة وطلب الدنيا ، ولم يزل كذلك إلى أن قتل سنة سبع وستين في أيام مصعب بن الزبير ، انتهى .
دعوة الرسول لأم حرام
وقال ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن عمير بن الأسود ، حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت ، وهو بساحل حمص ، وهو في بناء له ، ومعه امرأته أم حرام ، قال : " فحدثتنا أم حرام أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا " . قالت أم حرام : يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال : " أنت فيهم " . قالت : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم " . قالت أم حرام : أنا فيهم يا رسول الله ؟ قال : " لا " أخرجه البخاري . فيه إخباره عليه السلام أن أمته يغزون البحر ، ويغزون مدينة قيصر .
الباب الذي يسد الفتنة
عن حذيفة قال : كنا جلوسا عند عمر رضي الله عنه فقال : أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة ؟ قلت : أنا . قال : هات إنك لجريء . فقلت : ذكر فتنة الرجل في أهله ، وماله ، وولده ، وجاره ، تكفرها الصلاة ، والصدقة ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر . قال : ليس هذا أعني ، إنما أعني التي تموج موج البحر . قلت : يا أمير المؤمنين ليس ينالك من تلك شيء ، إن بينك وبينها بابا مغلقا . قال : أرأيت الباب يفتح أو يكسر ؟ قال : لا ، بل يكسر . قال : إذا لا يغلق أبدا . قلت : أجل . فقلنا لحذيفة : أكان عمر يعلم من الباب ؟ قال : نعم ، كما يعلم أن غدا دونه الليلة ، وذلك أني حدثته حديثا ليس بالأغاليط . فسأله مسروق : من الباب ؟ قال : عمر .
أويس بن عامر القرني
عن أسير بن جابر قال : كان عمر إذا أتت عليه أمداد اليمن سألهم : أفيكم أويس بن عامر ؟ حتى أتى على أويس ، فقال : أنت أويس بن عامر ؟ قال : نعم . قال : من مراد ثم من قرن ؟ قال : نعم . قال : كان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم ؟ قال : نعم . قال : ألك والدة ؟ قال : نعم . فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد اليمن من مراد ثم من قرن ، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم ، له والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل " فاستغفر لي . فاستغفر له ، ثم قال له عمر : أين تريد ؟ قال : الكوفة . قال : ألا أكتب إلى عاملها فيستوصوا بك خيرا ؟ فقال : لأن أكون في غبراء الناس أحب إلي . فلما كان في العام المقبل حج رجل من أشرافهم ، فسأله عمر عن أويس ، كيف تركته ؟ قال : رث البيت قليل المتاع ، قال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يأتي عليكم أويس مع أمداد اليمن ، كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم ، له والدة هو بها بر ، لو أقسم على الله لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل " . فلما قدم الرجل أتى أويسا فقال : استغفر لي . قال : أنت أحدث عهدا بسفر صالح فاستغفر لي . وقال : لقيت عمر بن الخطاب ؟ قال : نعم . قال : فاستغفر له . قال : ففطن له الناس ، فانطلق على وجهه . قال أسير بن جابر : فكسوته بردا ، فكان إذا رآه إنسان ، قال : من أين لأويس هذا .
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : لما كان يوم صفين ، نادى مناد من أصحاب معاوية أصحاب علي :" أفيكم أويس القرني" ؟ قالوا : نعم . فضرب دابته حتى دخل معهم ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خير التابعين أويس القرني "
الأربعاء، 16 نوفمبر 2016
المقنع
ﺍﻟﻤﻘﻨﻊ :
ﻫﻮ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻤﻘﻨﻊ, ﺍﻟﺴﺎﺣﺮ, ﺍﻟﻌﺠﻤﻲ, ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺦ, ﻭﺭﺑﻂ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺨﻮﺍﺭﻕ ﻭﺍﻟﺄﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻧﻴﺔ, ﻭﺍﻟﺈﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻐﻴﺒﺎﺕ, ﺣﺘﻰ ﺿﻞ ﺑﻪ ﺧﻠﺎﺋﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻢ ﻭﺍﻟﺒﻜﻢ. ﻭﺍﺩﻋﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺁﺩﻡ, ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻤﻠﺎﺋﻜﺔ ﺑﺎﻟﺴﺠﻮﺩ ﻟﻪ, ﻭﺃﻧﻪ ﺗﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﻧﻮﺡ, ﺛﻢ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ, ﻭﺇﻟﻰ ﺣﻜﻤﺎﺀ ﺍﻟﺄﻭﺍﺋﻞ, ﺛﻢ ﺇﻟﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺃﺑﻲ ﻣﺴﻠﻢ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺪﻋﻮﺓ, ﺛﻢ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻌﺒﺪﻭﻩ ﻭﺣﺎﺭﺑﻮﺍ ﺩﻭﻧﻪ, ﻣﻊ ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﻭﺍ ﻣﻦ ﻗﺒﺢ ﺻﻮﺭﺗﻪ, ﻭﺳﻤﺎﺟﺔ ﻭﺟﻬﻪ ﺍﻟﻤﺸﻮﻩ.
ﻛﺎﻥ ﺃﻋﻮﺭ, ﻗﺼﻴﺮﺍ, ﺃﻟﻜﻦ, ﺍﺗﺨﺬ ﻭﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﺐ, ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﺍﻟﻤﻘﻨﻊ.
ﻭﻣﻤﺎ ﺃﺿﻠﻬﻢ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺨﺎﺭﻳﻖ: ﻗﻤﺮ ﺛﺎﻥ ﻳﺮﻭﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ, ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺍﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺷﻬﺮﻳﻦ, ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻳﻘﻮﻝ ﺃﺑﻮ
ﺍﻟﻌﻠﺎﺀ ﺑﻦ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ:
ﺃﻓﻖ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺒﺪﺭ ﺍﻟﻤﻘﻨﻊ ﺭﺃﺳﻪ ... ﺿﻠﺎﻝ ﻭﻏﻲ ﻣﺜﻞ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﻤﻘﻨﻊ
ﻭﻟﺎﺑﻦ ﺳﻨﺎﺀ ﺍﻟﻤﻠﻚ:
ﺇﻟﻴﻚ ﻓﻤﺎ ﺑﺪﺭ ﺍﻟﻤﻘﻨﻊ ﻃﺎﻟﻌﺎ ... ﺑﺄﺳﺤﺮ ﻣﻦ ﺃﻟﺤﺎﻅ ﺑﺪﺭﻱ ﺍﻟﻤﻌﻤﻢ
ﻭﻟﻤﺎ ﺍﺳﺘﻔﺤﻞ ﺍﻟﺒﻠﺎﺀ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﻴﺚ, ﺗﺠﻬﺰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﺑﻪ, ﻭﺣﺎﺻﺮﻭﻩ ﻓﻲ ﻗﻠﻌﺘﻪ ﺑﻄﺮﻑ ﺧﺮﺍﺳﺎﻥ ﻭﻗﻴﻞ: ﺑﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻨﻬﺮ, ﺍﻧﺘﺪﺏ ﻟﺤﺮﺑﻪ ﻣﺘﻮﻟﻲ ﺧﺮﺍﺳﺎﻥ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﻣﺴﻠﻢ, ﻭﺟﺒﺮﻳﻞ ﺍﻟﺄﻣﻴﺮ, ﻭﻟﻴﺚ ﻣﻮﻟﻰ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ, ﻭﺍﻟﻘﻠﻌﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﻛﺶ, ﻭﻃﺎﻝ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻧﺤﻮ ﻋﺎﻣﻴﻦ, ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺣﺲ ﺍﻟﻤﻠﻌﻮﻥ ﺑﺎﻟﻬﻠﺎﻙ, ﻣﺺ ﺳﻤﺎ, ﻭﺳﻘﻰ ﺣﻈﺎﻳﺎﻩ ﺍﻟﺴﻢ, ﻓﻤﺎﺗﻮﺍ ﻭﺃﺧﺬﺕ ﺍﻟﻘﻠﻌﺔ, ﻭﻗﻄﻊ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﺑﻌﺜﻮﺍ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻨﺎﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ﺛﻠﺎﺙ ﻭﺳﺘﻴﻦ, ﻓﻮﺍﻓﺎﻩ ﺑﺤﻠﺐ, ﻭﻫﻮ ﻳﺠﻬﺰ ﺍﻟﻌﺴﺎﻛﺮ ﻟﻐﺰﻭ ﺍﻟﺮﻭﻡ ﻣﻊ ﻭﻟﺪﻩ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﺍﻟﺮﺷﻴﺪ, ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻏﺰﻭﺓ ﻋﻈﻤﻰ.
السبت، 12 نوفمبر 2016
الحمد عند المصيبة
محنة ابن عطاء
محنة وكيع
قال علي بن خشرم: حدثنا وكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله البهي، أن أبا بكر الصديق جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، فأكب عليه، فقبله، وقال: " بأبي وأمي، ما أطيب حياتك وميتتك "، ثم قال البهي: وكان ترك يوما وليلة حتى ربا بطنه، وانثنت خنصراه.
قال ابن خشرم: فلما حدث وكيع بهذا بمكة، اجتمعت قريش، وأرادوا صلب وكيع، ونصبوا خشبة لصلبه، فجاء سفيان بن عيينة، فقال لهم: الله الله ! هذا فقيه أهل العراق، وابن فقيهه، وهذا حديث معروف.
قال سفيان: ولم أكن سمعته إلا أني أردت تخليص وكيع.
قال علي بن خشرم: سمعت الحديث من وكيع، بعدما أرادوا صلبه، فتعجبت من جسارته، وأخبرت أن وكيعا احتج، فقال: إن عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم عمر، قالوا: لم يمت رسول الله.
فأراد الله أن يريهم آية الموت.
رواها أحمد بن محمد بن علي بن رزين الباشاني قال: حدثنا علي ابن خشرم.
وروى الحديث عن وكيع: قتيبة بن سعيد .
فهذه زلة عالم، فما لوكيع ولرواية هذا الخبر المنكر المنقطع الاسناد ! كادت نفسه أن تذهب غلطا، والقائمون عليه معذورون، بل مأجورون، فإنهم تخيلوا من إشاعة هذا الخبر المردود، غضا ما لمنصب النبوة، وهو في بادئ الرأي يوهم ذلك، ولكن إذا تأملته، فلا بأس إن شاء الله بذلك، فإن الحي قد يربوا جوفه، وتسترخي مفاصله، وذلك تفرع من الامراض، و " أشد الناس بلاء الانبياء "، وإنما المحذور أن تجوز عليه تغير سائر موتى الآدميين ورائحتهم، وأكل الارض لاجسادهم، والنبي صلى الله عليه وسلم فمفارق لسائر أمته في ذلك، فلا يبلى، ولا تأكل الارض جسده، ولا يتغير ريحه، بل هو الآن، وما زال أطيب ريحا من المسك، وهو حي في لحده حياة مثله في البرزخ، التي هي أكمل من حياة سائر النبيين، وحياتهم بلا ريب أتم وأشرف من حياة الشهداء الذين هم بنص الكتاب (أحياء عند ربهم يرزقون) [ آل عمران: 169 ] وهؤلاء حياتهم الآن التي في عالم البرزخ حق، ولكن ليست هي حياة الدنيا من كل وجه، ولا حياة أهل الجنة من كل وجه، ولهم شبه بحياة أهل الكهف، ومن ذلك: اجتماع آدم وموسى، لما احتج عليه موسى، وحجه آدم بالعلم السابق كان اجتماعهما حقا، وهما في عالم البرزخ، وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم أخبر أنه رأى في السماوات آدم وموسى وإبراهيم وإدريس وعيسى، وسلم عليهم، وطالت محاورته مع موسى، هذا كله حق.
والذي منهم لم يذق الموت بعد هو عيسى عليه السلام، فقد تبرهن لك أن نبيا صلى الله عليه وسلم ما زال طيبا مطيبا، وأن الارض محرم عليها أكل أجساد الانبياء، وهذا شئ سبيله التوقيف، وما عنف النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم لما قالوا له بلا علم: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ - يعني قد بليت - فقال: " إن الله حرم على الارض أن تأكل أجساد الانبياء " .
وهذا بحث معترض في الاعتذار عن إمام من أئمة المسلمين، وقد قام في الدفع عنه مثل إمام الحجاز سفيان بن عيينة، ولولا أن هذه الواقعة في عدة كتب، وفي مثل " تاريخ الحافظ ابن عساكر "، وفي " كامل الحافظ ابن عدي " لاعرضت عنها جملة، ففيها عبرة حتى قال الحافظ يعقوب الفسوي في " تاريخه ": وفي هذه السنة حدث وكيع بمكة، عن ابن أبي خالد، عن البهي، فذكر الحديث، ثم قال: فرفع ذلك إلى العثماني، فحبسه، وعزم على قتله، ونصبت خشبة خارج الحرم، وبلغ وكيعا، وهو محبوس.
قال الحارث بن صديق: فدخلت عليه لما بلغني، وقد سبق إليه الخبر، قال: وكان بينه وبين ابن عيينة يومئذ متباعد، فقال لي: ما أرانا إلا قد اضطررنا إلى هذا الرجل، واحتجنا إليه، فقلت: دع هذا عنك، فإن لم يدركك، قتلت، فأرسل إلى سفيان، وفزع إليه، فدخل سفيان على العثماني - يعني متولي مكة - فكلمه فيه، والعثماني يأبى عليه، فقال له سفيان: إني لك ناصح، هذا رجل من أهل العلم، وله عشيرة، وولده بباب أمير المؤمنين، فتشخص لمناظرتهم، قال: فعمل فيه كلام سفيان، فأمر بإطلاقه، فرجعت إلى وكيع، فأخبرته، فركب حمارا، وحملنا متاعه، وسافر، فدخلت على العثماني من الغد، فقلت: الحمد لله الذي لم تبتل بهذا الرجل، وسلمك الله، قال: يا حارث، ما ندمت على شئ ندامتي على تخليته، خطر ببالي هذه الليلة حديث جابر بن عبد الله قال: حولت أبي والشهداء بعد أربعين سنة فوجدناهم رطابا يثنون لم يتغير منهم شئ .
ثم قال الفسوي: فسمعت سعيد بن منصور يقول: كنا بالمدينة، فكتب أهل مكة إلى أهل المدينة بالذي كان من وكيع، وقالوا: إذا قدم عليكم، فلا تتكلوا على الوالي، وارجموه حتى تقتلوه.
قال: فعرضوا علي ذلك، وبلغنا الذي هم عليه، فبعثنا بريدا إلى وكيع أن لا يأتي المدينة، ويمضي من طريق الربذة، وكان قد جاوز مفرق الطريقين، فلما أتاه البريد، رد، ومضى إلى الكوفة.
ونقل الحافظ ابن عدي في ترجمة عبدالمجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد أنه هو الذي أفتى بمكة بقتل وكيع.
وقال ابن عدي: أخبرنا محمد بن عيسى المروزي - فيما كتب إلي - قال: حدثنا أبي عيسى بن محمد، قال: حدثنا العباس بن مصعب، حدثنا قتيبة، حدثنا وكيع، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، فساق الحديث، ثم قال قتيبة: حدث وكيع بمكة بهذا سنة حج الرشيد، فقدموه إليه، فدعا الرشيد سفيان بن عيينة وعبد المجيد بن أبي رواد، فأما عبدالمجيد، فإنه قال: يجب أن يقتل، فإنه لم يرو هذا إلا من في قلبه غش للنبي صلى الله عليه وسلم.
وقال سفيان: لا قتل عليه، رجل سمع حديثا، فأرواه، والمدينة شديدة الحر توفي النبي صلى الله عليه وسلم فترك ليلتين، لان القوم في إصلاح أمر الامة، واختلفت قريش والانصار، فمن ذلك تغير.
قال قتيبة: فكان وكيع إذا ذكر فعل عبدالمجيد، قال: ذاك جاهل، سمع حديثا لم يعرف وجهه، فتكلم بما تكلم.
قلت: فرضنا أنه ما فهم توجيه الحديث على ما تزعم، أفمالك عقل وورع ؟ أما سمعت قول الامام علي: حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله .
أما سمعت في الحديث : " ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم ".
ثم إن وكيعا بعدها تجاسر وحج، وأدركه الاجل بفيد .
محنة الإمام مالك
وحدثنا العباس ، حدثنا إبراهيم بن حماد أنه كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه ، حمل يده بالأخرى .
ابن سعد : حدثنا الواقدي قال : لما دعي مالك ، وشوور ، وسمع منه ، وقبل قوله ، حسد ، وبغوه بكل شيء ، فلما ولي جعفر بن سليمان المدينة ، سعوا به إليه ، وكثروا عليه عنده ، وقالوا : لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء ، وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن الأحنف في طلاق المكره : أنه لا يجوز عنده ، قال : فغضب جعفر ، فدعا بمالك ، فاحتج عليه بما رفع إليه عنه ، فأمر بتجريده ، وضربه بالسياط ، وجبذت يده حتى انخلعت من كتفه ، وارتكب منه أمر عظيم ، فوالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو .
تزويج بنت سعيد بن المسيب
ثم قال : حدثني أحمد ابن أخي عبد الرحمن بن وهب ، حدثنا عمر بن وهب ، عن عطاف بن خالد ، عن ابن حرملة ، عن ابن أبي وداعة -يعني كثيرا - قال : كنت أجالس سعيد بن المسيب ، ففقدني أياما ، فلما جئته قال : أين كنت؟ قلت : توفيت أهلي فاشتغلت بها . فقال : ألا أخبرتنا فشهدناها . ثم قال : هل استحدثت امرأة؟ فقلت : يرحمك الله ، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟ قال : أنا . فقلت : وتفعل؟ قال : نعم ، ثم تحمد ، وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوجني على درهمين -أو قال : ثلاثة- فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح .
فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر فيمن أستدين ، فصليت المغرب ، ورجعت إلى منزلي ، وكنت وحدي صائما ، فقدمت عشائي أفطر ، وكان خبزا وزيتا ، فإذا بابي يقرع ، فقلت : من هذا؟ فقال : سعيد . فأفكرت في كل من اسمه سعيد إلا ابن المسيب ، فإنه لم ير أربعين سنة إلا بين بيته والمسجد ، فخرجت ، فإذا سعيد ، فظننت أنه قد بدا له ، فقلت : يا أبا محمد ألا أرسلت إلي فآتيك؟ قال : لا ، أنت أحق أن تؤتى ، إنك كنت رجلا عزبا فتزوجت ، فكرهت أن تبيت الليلة وحدك ، وهذه امرأتك .
فإذا هي قائمة من خلفه في طوله ، ثم أخذ بيدها فدفعها في الباب ، ورد الباب ، فسقطت المرأة من الحياء ، فاستوثقت من الباب ، ثم وضعت القصعة في ظل السراج لكي لا تراه ، ثم صعدت إلى السطح فرميت الجيران ، فجاءوني فقالوا : ما شأنك؟ فأخبرتهم . ونزلوا إليها ، وبلغ أمي ، فجاءت وقالت : وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام ، فأقمت ثلاثا ، ثم دخلت بها ، فإذا هي من أجمل الناس ، وأحفظ الناس لكتاب الله ، وأعلمهم بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأعرفهم بحق زوج .
فمكثت شهرا لا آتي سعيد بن المسيب . ثم أتيته وهو في حلقته ، فسلمت ، فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض المجلس ، فلما لم يبق غيري قال : ما حال ذلك الإنسان؟ قلت : خير يا أبا محمد على ما يحب الصديق ، ويكره العدو . قال : إن رابك شيء ، فالعصا ، فانصرفت إلى منزلي ، فوجه إلي بعشرين ألف درهم .
محنة سعيد بن المسيب
وعن عبد الواحد بن أبي عون ، قال : كان جابر بن الأسود عامل ابن الزبير على المدينة قد تزوج الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة ، فلما ضرب سعيد بن المسيب صاح به سعيد والسياط تأخذه : والله ما ربعت على كتاب الله ، وإنك تزوجت الخامسة قبل انقضاء عدة الرابعة ، وما هي إلا ليال فاصنع ما بدا لك ، فسوف يأتيك ما تكره . فما مكث إلا يسيرا حتى قتل ابن الزبير .
الواقدي : حدثنا عبد الله بن جعفر وغيره أن عبد العزيز بن مروان توفي بمصر سنة أربع وثمانين ، فعقد عبد الملك لابنيه : الوليدوسليمان بالعهد ، وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان ، وعامله يومئذ على المدينة هشام بن إسماعيل المخزومي ، فدعا الناس إلى البيعة ، فبايعوا ، وأبىسعيد بن المسيب أن يبايع لهما وقال : حتى أنظر ، فضربه هشام ستين سوطا ، وطاف به في تبان من شعر ، حتى بلغ به رأس الثنية ، فلما كروا به قال : أين تكرون بي؟ قالوا : إلى السجن . فقال : والله لولا أني ظننته الصلب ، ما لبست هذا التبان أبدا . فردوه إلى السجن ، فحبسه وكتب إلى عبد الملك يخبره بخلافه . فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع به ويقول : سعيد ، كان والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه ، وإنا لنعلم ما عنده خلاف .
وحدثني أبو بكر بن أبي سبرة ، عن المسور بن رفاعة ، قال : دخل قبيصة بن ذؤيب على عبد الملك بكتاب هشام بن إسماعيل يذكر أنه ضرب سعيداوطاف به . قال قبيصة : يا أمير المؤمنين ، يفتات عليك هشام بمثل هذا ، والله لا يكون سعيد أبدا أمحل ولا ألج منه حين يضرب ، لو لم يبايع سعيد ما كان يكون منه ، وما هو ممن يخاف فتقه ، يا أمير المؤمنين اكتب إليه .
فقال عبد الملك : اكتب أنت إليه عني تخبره برأيي فيه ، وما خالفني من ضرب هشام إياه . فكتب قبيصة بذلك إلى سعيد . فقال سعيد حين قرأ الكتاب : الله بيني وبين من ظلمني .
حدثني عبد الله بن يزيد الهذلي ، قال : دخلت على سعيد بن المسيب السجن فإذا هو قد ذبحت له شاة ، فجعل الإهاب على ظهره ، ثم جعلوا له بعد ذلك قضبا رطبا ، وكان كلما نظر إلى عضديه قال : اللهم انصرني من هشام .
شيبان بن فروخ : حدثنا سلام بن مسكين ، حدثنا عمران بن عبد الله الخزاعي قال : دعي سعيد بن المسيب للوليد وسليمان بعد أبيهما فقال : لا أبايع اثنين ما اختلف الليل والنهار . فقيل : ادخل واخرج من الباب الآخر ، قال : والله لا يقتدي بي أحد من الناس ، قال : فجلده مائة وألبسه المسوح .
ضمرة بن ربيعة : حدثنا رجاء بن جميل ، قال : قال عبد الرحمن بن عبد القاري لسعيد بن المسيب حين قامت البيعة للوليد وسليمان بالمدينة : إني مشير عليك بخصال ، قال : ما هن؟ قال : تعتزل مقامك ، فإنك تقوم حيث يراك هشام بن إسماعيل ، قال : ما كنت لأغير مقاما قمته منذ أربعين سنة .
قال : تخرج معتمرا . قال : ما كنت لأنفق مالي وأجهد بدني في شيء ليس لي فيه نية ، قال : فما الثالثة؟ قال : تبايع ، قال : أرأيت إن كان الله أعمى قلبك كما أعمى بصرك فما علي؟ قال -وكان أعمى- قال رجاء : فدعاه هشام بن إسماعيل إلى البيعة ، فأبى ، فكتب فيه إلى عبد الملك . فكتب إليه عبد الملك : ما لك ولسعيد ، ما كان علينا منه شيء نكرهه ، فأما إذ فعلت فاضربه ثلاثين سوطا وألبسه تبان شعر ، وأوقفه للناس لئلا يقتدي به الناس . فدعاه هشام فأبى وقال : لا أبايع لاثنين . فألبسه تبان شعر ، وضربه ثلاثين سوطا ، وأوقفه للناس . فحدثني الأيليون الذين كانوا في الشرط بالمدينةقالوا : علمنا أنه لا يلبس التبان طائعا ، قلنا له : يا أبا محمد ، إنه القتل ، فاستر عورتك ، قال : فلبسه ، فلما ضرب تبين له أنا خدعناه ، قال : يا معجلة أهل أيلة ; لولا أني ظننت أنه القتل ما لبسته .
وقال هشام بن زيد : رأيت ابن المسيب حين ضرب في تبان شعر .
يحيى بن غيلان : حدثنا أبو عوانة ، عن قتادة ، قال : أتيت سعيد بن المسيب وقد ألبس تبان شعر وأقيم في الشمس ، فقلت لقائدي : أدنني منه فأدناني ، فجعلت أسأله خوفا من أن يفوتني ، وهو يجيبني حسبة والناس يتعجبون .
قال أبو المليح الرقي : حدثني غير واحد أن عبد الملك ضرب سعيد بن المسيب خمسين سوطا ، وأقامه بالحرة وألبسه تبان شعر ، فقال سعيد : لو علمت أنهم لا يزيدوني على الضرب ما لبسته ; إنما تخوفت من أن يقتلوني ، فقلت : تبان أستر من غيره .
قبيصة : حدثنا سفيان عن رجل من آل عمر ، قال : قلت لسعيد بن المسيب : ادع على بني أمية ، قال : اللهم أعز دينك ، وأظهر أولياءك ، واخز أعداءك في عافية لأمة محمد صلى الله عليه وسلم .
أبو عاصم النبيل : عن أبي يونس القوي قال : دخلت مسجد المدينة ، فإذا سعيد بن المسيب جالس وحده ، فقلت : ما شأنه؟ قيل : نهي أن يجالسه أحد .
همام : عن قتادة ، أن ابن المسيب كان إذا أراد أحد أن يجالسه قال : إنهم قد جلدوني ، ومنعوا الناس أن يجالسوني .