الأحد، 31 يوليو 2016

الجمعة، 29 يوليو 2016

تحفظ مثل هذا وتخرج تتنزه !!


قال أبو العباس الكديمي: خرجتُ أنا وعلي بن المديني وسليمان الشاذكوني نَتنزه، ولم يبق لنا موضع غير بستان الأمير، وكان الأمير قد منع من الخروج إلى الصحراء، فكما قعدنا، وافى الأمير فقال:  خذوهم.

فأخذونا، و كنت أصغرهم فبطحوني وقعدوا على أكتافي.

فقلت: أيها الأمير: اسمع: حدثنا الحميدي، أخبرنا سفيان عن عمرو عن أبي قابوس، عن ابن عباس، عن النبي r قال: «ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» .

قال: أعده فأعدته.


فقال: قوموا عنه، وقال: أنت تحفظ مثل هذا وتخرج تتنزه . (13/303)

الإمام البخاري

أبو عبد الله البخاري:

محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة، ولد سنة أربع وتسعين ومائة (12/391).

عن محمد بن أبي حاتم، قال: قلتُ لأبي عبد الله: كيف كان بدء أمرك؟
قال: أُلُهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب.
فقلتُ: كم كان سنك؟
فقال: عشر سنين، أو أقل. ثم خرجت من الكُتاب بعد العشر جعلتُ أختلف إلى الداخلي وغيره.
فقال يومًا فيما كان يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم فقلتُ له: إن أبا الزبير لم يروِ عن إبراهيم فانتهرني.
فقلتُ له: أرجع إلى الأصل، فدخل فنظر فيه، ثم خرج.
فقال لي: كيف هو يا غلام؟
قلتُ: هو الزبير بن عدي، عن إبراهيم، فأخذ القلم مني، وأحكم كتابه وقال: صدقتَ.
فقيل للبخاري: ابن كم كنت حين وردت عليه؟
قال: ابنُ إحدى عشرة سنة.

فلما طعنتُ في ستَّة عشرة سنة، كنت قد حفظتُ كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء ثم خرجتُ مع أمي وأخي أحمد إلى مكة، فلما حَججْتُ رجع أخي بها، وتخلَّفْتُ في طلب الحديث.

وقال الإمام البخاري: كنتُ أختلف إلى الفقهاء بمرو وأنا صبي فإذا جئت أستحي أن أُسلم عليهم.
فقال لي مؤدب من أهلها: كم كتبتَ اليوم؟
فقلت: اثنين وأردت بذلك حديثين فضحك من حضر المجلس.
فقال شيخ منهم: لا تضحكوا فلعله يضحك منكم يومًا.

عن الفربري قال: قال لي محمد بن إسماعيل: ما وضعتُ في كتابي «الصحيح» حديثًا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين.

وقال بكر بن منير: سمعتُ أبا عبد الله البخاري يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبتُ أحدًا.


قلتُ: صدق رحمه الله، ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل، علم ورعه في الكلام في الناس، وإنصافه فيمن يُضعفه فإنه أكثر ما يقول: منكر الحديث، سكتوا عنه فيه نظر ونحو هذا، وقلَّ أن يقول: كذاب، أو كان يضع الحديث، حتى أنه قال: إذا قلتُ فلان في حديثه نظر فهو متهم واهٍ وهذا معنى قوله: لا يحاسبني الله أني اغتبتُ أحدًا، وهذا هو والله غاية الورع.

فتنة الزنج


عباس بن الفرج، العلامة الحافظ شيخ الأدب، أبو الفضل الرياشي النحوي .
قال ابن دُريد: قتلته الزنج بالبصرة سنة سبع وخمسين ومائتين.


قلتُ: فتنة الزنج كانت  عظيمة، وذلك أنَّ بعض الشياطين الدهاة كان طرقيًا أو مؤدبًا له نظر في الشعر والأخبار، ويظهر من حاله الزندقة والمروق، ادعى أنه علوي ودعا إلى نفسه، فالتف عليه قُطاع طريق، والعبيد السود من غلمان أهل البصرة، حتى صار في عدة وتحايلوا وحصلوا سيوفًا وعصيًا، ثم ثاروا على أطراف البلد، فبدعوا وقتلوا وقووا وانضم إليهم كل مجرم واستفحل الشر بهم فسار جيش من العراق لحربهم فكسروا الجيش، وأخذوا البصرة واستباحوها واشتد الخطب، وصار قائدهم الخبيث في جيش وأهبة كاملة، وعزم على أخذ بغداد، وبنى لنفسه مدينة عظيمة، وحار الخليفة المعتمد في نفسه ودام البلاءُ بهذا الخبيث المارق ثلاثة عشرة سنة وهابته الجيوش وجرت معه ملاحم ووقعات يطول شرحها قد ذكرها المؤرخون إلى أن قُتل فالزنج هم عبارة عن عبيد البصرة الذين ثاروا معه لا بارك الله فيهم (12/372).

الصرف

وعن المازني قال: قلتُ لابن السكيت: ما وزن "نكتل".
قال: "نفعل".
قلت: إتّئد.
ففكر، وقال: «نفتعل».
قلت: فهذه خمسة أحرف، فسكت.
فقال المتوكل: ما وزنها؟

قلت: وزنها في الأصل «نَفتعل» لأنها «نكتيل» فتحرك حرف العلة، وانفتح ما قبله فقلب ألفًا فصار نكتال، فحذفت ألفه للجزم فبقي «نكتل»، فوزنها «نَفتل»

سحنون


وسئل سحنون: أيسع العالم أن يقول: لا أدري فيما يدري؟ قال: أما ما فيه كتاب أو سنة ثابتة فلا، وأما ما كان من هذا الرأي، فإنه يسعه ذلك لأنه لا يدري أمصيب هو أم مخطئ؟.

وسحنون هو اسم طائر بالمغرب يُوصف بالفطنة والتحرز، وهو بفتح السين وبضمها.

جنازة الإمام أحمد


قال الخلال: سمعت عبد الوهاب الوراق، يقول: ما بلغنا أن جمعًا في الجاهلية ولا الإسلام مثله يعني: من شهد جنازة الإمام  أحمد، حتى بلغنا أن الموضع مسح وحزر على الصحيح، فإذا هو نحو من ألف ألف، وحزرنا على القبور نحوًا من ستين ألف امرأة، وفتح الناس أبواب المنازل في الشوارع والدروب ينادون من أراد الوضوء.


قال الإمام أحمد: قولوا لأهل البدع: بيننا وبينكم يوم الجنائز.

مسند أحمد


قال ابن عقيل من  عجيب ما سمعته عن هؤلاء الأحداث الجهال  أنهم يقولون: أحمد ليس بفقيه لكنه محدث.

قال: وهذا غاية الجهل، لأن له اختيارات بناها على الأحاديث بناء لا يعرفه أكثرهم، وربما زاد على كبارهم.

قلتُ: أحسبهم كانوا يظنونه محدثًا وبس، بل يتخيلونه من بابة محدثي زماننا ووالله لقد بلغ في الفقه خاصة رتبة الليث، ومالك والشافعي، وأبي يوسف، وفي الزهد والورع رتبة الفضيل، وإبراهيم بن أدهم وفي الحفظ رتبة شعبة، ويحيى القطان وابن المديني.

ولكن الجاهل لا يعلم رتبة نفسه، فكيف يعرف رتبة غيره؟!!

قال الإمام أحمد عن المسند: هذا الكتاب: جمعته وأنتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفًا فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله r فارجعوا إليه، فإن وجدتموه فيه، وإلا فليس بحجة.

قلت: في الصحيحين أحاديث قليلة، ليست في المسند، لكن قد يقال: لا  ترد على قوله. فإن المسلمين ما اختلفوا فيها ثم ما يلزم من هذا القول: أن ما وجد فيه أن يكون حجة ففيه جملة من الأحاديث الضعيفة مما يسوغ نقلُها، ولا يجب الاحتجاج بها، وفيه أحاديث معدودة شبه موضوعة، ولكنها قطرة في بحر، وفي غضون المسند زيادات جمة لعبد الله بن أحمد.

أكرمك الله

قال إبراهيم الحربي: سئل أحمد عن المسلم يقول للنصراني أكرمك الله قال: نعم، ينوي بها الإسلام.

أهل الأهواء


وقال معاوية بن قرة: إياكم وهذه الخصومات فإنها تحبط الأعمال، وقال أبو قلابة: لا تجالسوا أهل الأهواء، أو قال: أصحاب الخصومات، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم، ويلبسوا عليكم بعض ما تعرفون.


ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بن سيرين، فقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث؟
قال: لا.
قالا. أفنقرأ عليك آية؟
قال: لا لتقومان عني أو لأقومنَّ فقاما.
فقال بعض القوم: يا أبا بكر، وما عليك أن تقرأ عليك آية؟
قال: خشيت أن تقرأ آية فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي.


وقال رجل من أهل البدع لأيوب: يا أبا بكر أسألك عن كلمة؟
فولى، وهو يقول بيده: لا، ولا نصف كلمة.



وقال ابن طاووس لابن له يكلمه رجل من أهل البدع: يا بني أدخل أصبعيك في أذنيك حتى لا تسمع ما يقول.. ثم قال: اشدُد اشدُد.

أحمد بن حنبل


أحمد بن حنبل:

هو الإمام حقًا وشيخ الإسلام صدقًا أبو عبد الله، أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني، المروزي ثم البغدادي، أحد الأئمة الأعلام (11/177).

عن ابن المديني قال: أعز الله الدين بالصديق يوم الردة، وبأحمد يوم المحنة.

قال سليمان الشاذكوني: لقد حضرت من ورعه شيئًا بمكة، أنه أرهن سطلاً عند فاميِّ، فأخذ منه شيئًا ليقوته. فجاء، فأعطاه فكاكه، فأخرج إليه سطلين، فقال: انظر أيهما سطلك؟
فقال: لا أدري أنت في حل منه، وما أعطيتك ولم يأخذه.
قال الفامي: والله إنه لسطله، وإنما أردت أن أمتحنه فيه.

قال أحمد: ما كتبت حديثًا إلا وقد عملت به، حتى مر بي أن النبي r احتجم وأعطى أبا طيبة دينارًا فأعطيت الحجام دينارًا حين احتجمت.

قال الإمام الذهبي رحمه الله: كان الناس أمة واحدة، ودينهم قائمًا في خلافة أبي بكر وعمر، فلما اُستشهد قُفْلُ باب الفتنة عمر رضي الله عنه، وانكسر الباب قام رؤوس الشر على الشهيد عثمان رضي الله عنه حتى ذبح صبرًا وتفرقت الكلمة وتمت وقعة الجمل ثم وقعت صفين، فظهرت الخوارج وكفرت سادة الصحابة ثم ظهرت الروافض والنواصب.

وفي آخر زمن الصحابة ظهرت القدرية، ثم ظهرت المعتزلة بالبصرة، والجهمية والمجسمة بخراسان في أثناء عصر التابعين مع ظهور السنة وأهلها إلى بعد المائتين، فظهر المأمون الخليفة وكان ذكيًا متكلمًا له نظر في المعقول فاستجلب كتب الأوائل وعرَّب حكمة اليونان، وقام في ذلك وقعد، وخبَّ ووضع ورفعت الجهمية والمعتزلة رؤوسها بل والشيعة فإنه كان كذلك.

وآل به الحال إلى أن حمل الأمة على القول بخلق القرآن، وامتحن العلماء فلم يُمْهَل وهلك لعامه، وخلي بعده شرًا وبلاء في الدين فإن الأمة ما زالت على أن القرآن العظيم كلام الله تعالى ووحيه وتنزيله لا يعرفون غير ذلك حتى نبغ لهم القول بإنه كلام الله تعالى مخلوق مجعول، وإنه إنما يضاف إلى الله تعالى إضافة تشريف، كبيت الله، وناقة الله، فأنكر ذلك العلماء، ولم تكن الجهمية يظهرون في دولة المهدي والرشيد والأمين فلما ولي المأمون كان منهم، وأظهر المقالة (11/236).

قلت: ثم أن المأمون نظر في الكلام، وناظر وبقي متوقفًا في الدعاء إلى بدعته قال أبو الفرج بن الجوزي: خالطه قوم من المعتزلة، فحسنوا له القول بخلق القرآن وكان يتردد ويراقب بقايا الشيوخ ثم قوي عزمه وامتحن الناس.

قال محمد بن إبراهيم البوشنجي: جعلوا يُذاكرون أبا عبد الله بالرقة في التقية و ما روي فيها. فقال: كيف تصنعون بحديث خباب: «إن من كان قبلكم كان ينشر أحدهم بالمنشار، لا يصده ذلك عن دينه» فأيسنا منه.
وقال: لستُ أبالي بالحبس، ما هو ومنزلي إلا واحد، ولا قتلاً بالسيف.

وإنما أخاف فتنة السوط، فسمعه بعض أهل الحبس، فقال: لا عليك يا أبا عبد الله فما هو إلا سوطان، ثم لا تدري أين يقع الباقي، فكأنه سرى  عنه.

اذكرني أنك سألتني

قال جعفر بن أبي عثمان: كنا عند يحيى بن معين، فجاءه رجل مستعجل، فقال: يا أبا زكريا، حدثني بشيء أذكرك به، فقال يحيى: اذكرني أنك سألتني أن أحدثك فلم أفعل.

علي بن المديني


علي بن المديني، الشيخ، الإمام، الحجة، أمير المؤمنين في الحديث، أبو الحسن مولى عروة بن عطية السعدي .

قال سفيان بن عيينة: تلوموني على حب علي، والله لقد كنت أتعلم منه أكثر مما يتعلم مني.

وقال العباس العنبري: كان سفيان يسمي علي بن المديني حية الوادي.

وقال إبراهيم بن معقل: سمعت البخاري يقول: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني (11/41).

القيام


قال عبد الرزاق بن سليمان بن علي بن الجعد: سمعت أبي يقول: أحضر المأمون أصحاب الجوهر، فناظرهم على متاع كان معهم، ثم نهض لبعض حاجته ثم خرج فقام له كل من في المجلس إلا علي بن الجعد، فنظر إليه كالمغضب، ثم استخلاه.
فقال: يا شيخ، ما منعك أن تقوم؟
قال: أجللتُ أمير المؤمنين للحديث الذي نأثره عن النبي r.
قال: وما هو؟
قال: سمعت مبارك بن فضالة، سمعت الحسن يقول:
قال رسول الله r: «من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا، فليتبوأ مقعده من النار» .
فأطرق المأمون، ثم رفع رأسه، فقال: لا يشترى إلا من هذا فاشتروا منه يومئذ بثلاثين ألف دينار.

أنواع الضحك


قال محمد بن النعمان بن عبد السلام: لم أر أعبدَ من يحيى بن حماد وأظنه لم يضحك.

قلت: الضحك اليسير والتبسم أفضل، وعدم ذلك من مشايخ العلم على قسمين:

أحدهما: يكون فاضلاً لمن  تركه أدبًا وخوفًا من الله، وحزنًا على نفسه المسكينة.

والثاني: مذموم لمن فعله حمقًا وكبرًا وتصنعًا كما أن من أكثر الضحك استُخف به، ولا ريب أن الضحك في الشباب,أخفُّ منه وأعذر منه في الشيوخ.

وأما التبسم وطلاقة الوجه فأرفع من ذلك كله، قال النبي r «تبسمك في وجه أخيك صدقة».

وقال جرير: ما رآني رسول الله r إلا تبسم فهذا هو خلق الإسلام، فأعلى المقامات من كان بكَّاءً بالليل، بسامًا بالنهار.


بقي هنا شيء: ينبغي لمن كان ضحوكًا بسامًا أن يقصر من ذلك ويلوم نفسه حتى لا تمجه الأنفس، وينبغي لمن كان عبوسًا منقبضًا أن يتبسم، ويحسن خُلقه ويمقت نفسه على رداءة خُلقه، وكل انحراف عن الاعتدال فمذموم ولا بد للنفس من مجاهدة وتأديب (10/140).

لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد


عن أبي هريرة عن النبي r قال: «لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى».

قال الإمام الذهبي رحمه الله:
معناه: لا تشدُّ الرحال إلى مسجد ابتغاء الأجر سوى المساجد الثلاثة فإن لها فضلاً خاصًا فمن قال: لم يدخل في النهي شد الرحل إلى زيارة قبر نبي أو ولي، وقف مع ظاهر النص، وإن الأمر بذلك والنهي خاص بالمساجد، ومن قال بقياس الأولى، قال: إذا كان أفضل بقاع الأرض مساجدها، والنهي ورد فيها، فما دونها في الفضل كقبور الأنبياء والصالحين، أولى بالنهي، أما من سار إلى زيارة قبر فاضل من غير شد رحل فقربة بالإجماع بلا تردد، سوى ما شذ به الشعبي ونحوه، فكان بلغهم النهي عن زيارة القبور، وما علموا بأنه نسخ ذلك (9/368).



أبو علي الأزدي


أبو علي، شقيق بن إبراهيم الأزدي، الإمام الزاهد، شيخ خراسان البلخي .

عن شقيق قال: مثل المؤمن مثل من غرس نخلة يخاف أن تحمل شوكًا ومثل المنافق مثل من زرع شوكًا يطمع أن يحمل تمرًا هيهات.

وعنه: ليس شيء أحب إليَّ من الضيف لأن رزقه على الله وأجره لي.

وعنه: علامة التوبة البكاء على ما سلف، والخوف من الوقوع في الذنب وهجران إخوان السوء، وملازمة الأخيار (9/313).

هارون الرشيد

الخليفة أبو جعفر هارون الرشيد بن المهدي محمد بن المنصور أبي جعفركان من أنبل الخلفاء، وأحشم الملوك، ذا حج وجهاد، وغزو وشجاعة ورأي.

عن خرزاذ العابد قال: حدَّث أبو معاوية الرشيد بحديث: «احتج آدم وموسى» فقال رجل شريف: فأين لقيه؟ فغضب الرشيد، وقال: النطع والسيف، زنديق يطعن في الحديث فما زال أبو معاوية يُسكنه ويقول: بادرة منه يا أمير المؤمنين حتى سكن.

وعن أبي معاوية الضرير قال: صبَّ على يدي بعد الأكل شخص لا أعرفه فقال الرشيد: تدري من يصب عليك؟
قلت: لا؟.

قال: أنا؛ إجلالا للعلم. (9/286)

المعافى بن عمران


المعافى بن عمران بن نفيل، الإمام، شيخ الإسلام، ياقوتة العلماء أبو مسعود الأزدي .

قال بشر الحافي: كان المعا
فى صاحب دنيا واسعة وضِياع كثيرة، قال مرة رجل: ما  أشد البرد اليوم، فالتفت إليه المعافى وقال: آستدفأتَ الآن؟ لو سكت، لكان خيرًا لك. (9/80)

جعفر البرمكي

الوزير الملك، أبو الفضل، جعفر، ابن الوزير الكبير أبي علي يحيى ابن الوزير خالد بن برمك الفارسي.
جعفر، وما أدراك ما جعفر؟ له نبأ عجيب، وشأن غريب، بقي في الارتقاء في رتبة، شارك الخليفة في أمواله ولذاته وتصرفه في الممالك، ثم انقلب الدست في يوم فقُتل وسُجن أبوه وإخوته إلى الممات، فما أجهل من يغتر بالدنيا.

قيل: إن ولدًا ليحيى قال له وهم في القيود: يا أبةِ بعد الأمر والنهي والأموال صرنا إلى هذا؟ قال: يا بني دعوةُ مظلوم غفلنا عنها، لم يغفل الله عنها. (9/59)

عبد الله بن إدريس

عبد الله بن  إدريس بن يزيد، الإمام، الحافظ، المقرئ، القدوة، شيخ الإسلام أبو محمد الأودي الكوفي.
عن حسين العنقزي قال: لما نزل بابن إدريس الموت، بكت بنته. فقال: لا تبكي يا بُنية، فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربع آلاف ختمة. (9/42)

ابن أبي ذئب

حج الخليفة المهدي فدخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يبق أحد إلا قام إلا ابن أبي ذئب ، فقال له المسيب بن زهير : قم، هذا أمير المؤمنين . فقال: إنما يقوم الناس لرب العالمين ! فقال المهدي: دعه ، فلقد قامت كل شعرة في رأسي (7/143-144) .

من استعفى السلطان من العمل

من استعفى السلطان من العمل :

قال إبراهيم ابن أبي عبلة : بعث إلي هشام بن عبد الملك فقال : إنا قد عرفناك واختبرناك ، ورضينا بسيرتك وبحالك ، وقد رأيت أن أخلطك بنفسي وخاصتي ، وأشركك في عملي ، وقد وليتك خراج مصر . قلت : أما الذي عليه رأيك يا أمير المؤمنين ، فالله يثيبك ويجزيك ، وكفى به جازيا ومثيبا ، وأما أنا ، فما لي بالخراج بصر ، وما لي عليه قوة ، فغضب حتى اختلج وجهه ، وكان في عينيه حول ، فنظر إلي نظرا منكرا ، ثم قال : لتلين طائعا أو كارها ، فأمسكت . ثم قلت : أتكلم ؟ قال : نعم . قلت : إن الله سبحانه قال في كتابه : (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها) [الأحزاب:72] فوالله ما غضب عليهن إذ أبين ولا أكرههن. فضحك حتى بدت نواجذه وأعفاني (6/324).

إسماعيل بن علية

قال حماد بن سلمة: ما كنا نشبه شمائل إسماعيل بن علية إلا بشمائل يونس حتى دخل فيما دخل فيه.
قال الذهبي: يريد ولاية الصدقة. وكان موصوفا بالدين والورع والتأله، منظورا إليه في الفضل والعلم، وبدت منه هفوات خفيفة، لم تغير رتبته إن شاء الله. وقد بعث إليه ابن المبارك بأبيات حسنة يعنفه فيها، وهي:

يا جاعل العلم له بازياً      يصطاد أموال المساكينِ
احتلْت للدنيا ولذّاتهـا      بحيـلة تذهب بـالدينِ  
فصرتَ مجنوناً بها بعدما    كنتَ دواءً للمجـانينِ
أين رواياتك فيما مضى      عن ابن عون وابن سيرينِ
ودرسُكَ العلم بآثـاره       في تَرْك أبواب السلاطينِ
لا تبع الدين بالدنيا كما     يفعـل ضلاّل الرهـابين ِ   

(9/109-110).

عطاء وعبد الملك

عطاء وعبد الملك :

حج عبد الملك بن مروان فدخل عليه عطاء ابن أبي رباح وهو جالس على السرير وحوله الأشراف، فلما بصر به عبد الملك قام إليه فسلم عليه وأجلسه على السرير، وقعد بين يديه وقال: يا أبا محمد حاجتك؟ قال: يا أمير المؤمنين! اتق الله في حرم الله وحرم رسوله فتعاهده بالعمارة، واتق الله في أولاد المهاجرين والأنصار، فإنك بهم جلست هذا المجلس، واتق الله في أهل الثغور فإنهم حصن المسلمين، وتفقد أمور المسلمين، فإنك وحدك المسؤول عنهم، واتق الله فيمن على بابك فلا تغفل عنهم، ولا تغلق دونهم بابك. فقال له: أفعل، ثم نهض وقام، فقبض عليه عبد الملك وقال: يا أبا محمد! إنما سألتنا حوائج غيرك، وقد قضيناها فما حاجتك؟ قال: ما لي إلى مخلوق حاجة، ثم خرج فقال عبد الملك: هذا وأبيك الشرف، هذا وأبيك السؤدد (5/84-85).

أنفع الكتب لطالب العلم

أنفع الكتب لطالب العلم:

قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام – وكان أحد المجتهدين -: ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل "المحلى" لابن حزم، وكتاب "المغني" للشيخ موفق الدين.
قال الذهبي: لقد صدق الشيخ عز الدين. وثالثها: "السنن الكبير" للبيهقي، ورابعها: "التمهيد" لابن عبد البر. فمن حصّل هذه الدواوين، وكان من أذكياء المفتين، وأدمن المطالعة فيها، فهو العالم حقا (18/193).